تعتبر صناعة الاتصالات من القطاعات الحيوية التي تسهم في تطوير الاقتصاد وتعزيز التواصل والتواصل الاجتماعي، وفي السودان، شهد قطاع الاتصالات تحولًا ملحوظًا على مدار العقود القليلة الماضية، مع تسارع الابتكار التكنولوجي وتوسع الاستخدام في الخدمات الرقمية.
التاريخ والتطور: تعود بدايات قطاع الاتصالات في السودان إلى القرن التاسع عشر، حيث بدأت الاتصالات بواسطة التلغراف، وتطورت الخدمات لاحقًا لتشمل الاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت.
في الفترة من 1859 حتى عام 1971، شهدت الاتصالات في السودان سلسلة من التطورات المهمة، بدءًا من إنشاء أول خط تلغراف في مدينة سواكن في عام 1859، ووصول التلغراف إلى الخرطوم في عام 1871-1873، وبداية استخدام الاتصالات الهاتفية في عام 1892.
في عام 1971، تم فصل الاتصالات عن البريد، مما أدى إلى إنشاء المؤسسة العامة للاتصالات التي تولت مهمة تقديم الخدمات الاتصالية في البلاد. وفي عام 1978، تم إنشاء المؤسسة العامة للاتصالات، ومن ثم جاءت فترة تطوير البنية التحتية وتوسيع نطاق الخدمات.
وفي عام 1994، تم إنشاء الشركة السودانية للاتصالات التي بدأت بتقديم خدمة الهاتف الثابت،
و في عام 1997 منحت رخصة الهاتف السيار للشركة السودانية للهاتف السيّار (موبيتل) . وفي نفس العام، تم إنشاء أول شركة لتزويد خدمة الإنترنت في السودان (سودانت).
وفي عام 2001، اقيمت الهيئة القومية للاتصالات كمنظم للقطاع بموجب قانون الاتصالات لعام 2001.
وفي عام 2006، منحت الرخصة الثالثة لخدمة الهاتف السيار لشركة سوداني، مما ساهم في تنويع الخدمات وتحسين جودتها.
وفي عام 2010، تم إنشاء المركز السوداني لأمن المعلومات ونقطة تبادل الإنترنت السودانية،
وفي عام 2013، تم إنشاء شبكة الجامعات السودانية لتعزيز استخدام التكنولوجيا في التعليم العالي.
تطوير قطاع الاتصالات والبريد في عام 2018: وصلت قمة تطوير قطاع الاتصالات والبريد في السودان إلى ذروتها في عام 2018، حيث تم إجازة قانون الاتصالات في البرلمان. ومن خلال هذا القانون، تحولت الهيئة القومية للاتصالات إلى جهاز تنظيم الاتصالات والبريد، مما أعطى للجهاز سلطات أوسع لتنظيم وإدارة قطاع الاتصالات والبريد في البلاد.
التغطية والاستخدام: حاليًا، تصل التغطية الجغرافية لخدمات الاتصالات في السودان إلى نسبة تقدر بـ 69% من إجمالي المساحة البلاد، وتتجاوز 86% في المناطق المأهولة بالسكان، مما يعكس التوسع الكبير الذي حدث في هذا المجال. يعتبر الإنترنت أحد أهم الخدمات الرقمية المقدمة، حيث يتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في السودان 16 مليون مستخدم، وتبلغ عدد شرائح الهاتف المحمول النشطة أكثر من 30 مليون شريحة، مما يعكس اعتماد المجتمع على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في حياته اليومية.
التحديات والفرص: على الرغم من التطور الكبير الذي شهده قطاع الاتصالات في السودان، إلا أنه لا يخلو من التحديات، بما في ذلك تحسين جودة الخدمات وتوسيع التغطية إلى المناطق النائية، بالإضافة إلى مكافحة التهديدات الأمنية المتزايدة في البيئة الرقمية. ومع ذلك، تفتح التحديات الحالية أبوابًا للفرص، مثل تعزيز التعاون مع القطاع الخاص لتطوير البنية التحتية وتقديم خدمات مبتكرة تلبي احتياجات المستخدمين الحديثة.
الختام: يظهر التحول الذي شهده قطاع الاتصالات في السودان أهمية الاستثمار في التكنولوجيا وتعزيز البنية التحتية الرقمية كأداة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ومع استمرار التطور والابتكار، يمكن أن يلعب قطاع الاتصالات دورًا حيويًا في بناء مستقبل أفضل للسودان ومواكبة التحديات والتطلعات الوطنية والعالمية.